السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه أنه قال
: (( الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة )) قالو لمن يا رسول
الله ؟ قال : (( لله ، ولكتابه ، ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )) [
رواه مسلم ]
* وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) [ متفق عليه ] .
*
وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : بايعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم . [ متفق
عليه ].
* فالنصيحة - أخي الحبيب – ليس كما يراها البعض تدخلاً في
شؤون الآخرين بغير حق ، وليست إحراجاً لهم ، أو انتقاصاً من شأنهم ، أو
إظهار لفضل الناصح على المنصوح ، بل هي أسمى من ذلك وأرفع ، إنها برهان
محبة ، ودليل مودة ، وأمارة صدق ، وعلامة وفاء ، وسمة وداد .
* النصيحة : أداة إصلاح .. وأجور وأرباح .. وصدق وفلاح .
* النصيحة : باقة خير يهديها إليك الناصح .
* النصيحة : نور يتلألأ لينير لك الطريق .
* النصيحة : قارب نجاة يشق عباب أمواج الفتن الهائجة لتصل إلى بر الأمان .
* النصيحة : عبير طهر في خضم طوفان الشهوات .
* النصيحة : شذا عفاف يدعوك إلى الله و الدار الآخرة .
* النصيحة : حق لك على الناصح وواجب على الناصح تجاهك .
فيا أخي الشاب !
أفسح : للنصيحة مجالاً في صدرك .
* اعلم : أن الناصح ما دعاه إلى نصحك إلا محبته لك وخوفه عليك .
*
واعلم : كذلك أن الناصح ما هو إلا ناقل لكلام الله وكلام رسوله صلى الله
عليه وسلم ، فإذا تواضعت له وقبلت نصحه ، فقد تواضعت لربك جل وعلا ، واتبعت
نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، وإذا رفضت النصيحة ورددتها ، فقد رددت –
في الحقيقة – كلام ريك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم .
* واعلم : –
أيها الحبيب – أن بداية الإصلاح هو رؤية التقصير والاعتراف به والنظر إلى
النفس بعين المقت والازدراء ، فلا تجادل بالباطل ، واعترف بخطئك ولا تتكبر ،
فإن الجنة لا يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر .
* وعليك : بعد اعترافك بالخطأ - إن كنت واقعاً فيه – أن تترك هذه المعصية ، وتندم على فعلها ، وتعزم ألا تعود إليها في المستقبل .
*
وإذا : شكرت الناصح ودعوت له ، فإن هذا من كرمك وسمو نفسك ، واعترافك
بالفضل لأهله ، وإن لم تفعل فإنه لا يريد منك جزاءاً ولا شكورا .
.:: النصــــــائح ::.
هذه
: أخي الشاب نصائح ذهبية ، ووصايا سنية ، لا تحرم نفسك من خيرها والعمل
بها . ولا تحملها مغبة تركها ، والإعراض عنها ، فإن السعيد من وُعِظ بغيره ،
والشقي من أعرض عما ينفعه .
(1) اعلم - أخي الشاب - :
أن كلمة التوحيد (( لا إله إلا الله )) لا تنفع قائلها إلا بشروط ثمانية هي :
* العلم المنافي للجهل . * اليقين المنافي للشك .
* الإخلاص المنافي للشرك . * الصدق المنافي للكذب .
* المحبة المنافية للبغض . * الانقياد المنافي للترك .
* القبول المنافي للرد . * الكفر بما يُعبد من دون الله .
فاحرص – اكرمك الله – على تحقيق هذه الشروط وإياك والتفريط في شيء منها .
(2) اعلم أن نواقض الإسلام عشرة هي :
* الشرك في عبادة الله .
* اتخاذ الوسائط من دون الله يدعوهم ويسألهم الشفاعة .
* من لم يكفر المشركين ، أو شك في كفرهم ، أو صحح مذهبهم .
* من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه .
* من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .
* من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه .
* السحر فمن فعله ورضي به كفر .
* مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين .
* اعتقاد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة الإسلام .
* الإعراض عن دين الله .
فاحذر – أخي الشاب – أشد الحذر من هذه النواقض فإنه لا ينفع معها عمل .
(3) اعلم أن الإيمان بالله عز وجل ليس اعتقاداً فقط أو قولاً فقط .
إنما
هو اعتقاد بالجنان ، وقول باللسان ، وعمل بالأركان ، يزيد بالطاعة وينقص
بالعصيان . فعليك بطاعة الرحمن وترك العصيان ، فإنهما سبيلك إلى زيادة
الإيمان .
(4) اعلم أن الله عز وجل خلقنا لعبادته وحده لا شريك له :
كما قال سبحانه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [56: سورة الذاريات]
وإخلاص
العبادة لا يتحقق إلا بنفي استحقاق العبادة عن غيره تعالى ، ثم إثباتها
لله وحده ، وهذا مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله . قال تعالى { فَمَنْ
يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[
256 سورة البقرة ] .
فعليك بإخلاص العبادة لله تعالى وحده ، وإياك أن تصرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله سبحانه وتعالى .
(5) اعلم أن العبادة هي لفظة جامعة لكل ما يحبه الله ويرضاه :
من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ، فاجتهد في معرفة ما يحبه ربك ، وابحث عن فضائل تلك الأعمال .
(6) اعلم أن أفضل العبادة هي ما افترضه الله عليك :
كما
قال سبحانه في الحديث القدسي : (( وما يتقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما
افترضته عليه )) [ رواه البخاري ] فاعتن أخي الشاب بالفرائض أشدّ الاعتناء ،
وحافظ عليها أشد المحافظة ، وأتِ بها على أكمل وجه .
(7) اعلم أن العبادة لا تقبل إلا بشرطين :
هما
الإخلاص لله عز وجل والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم فالرياء يحبط
العمل ويوجب العقوبة ، وكذلك الابتداع يوجب العقوبة ويرد العمل .
فاجتهد
– أخي الشاب – في تصفية نيتك من الرياء ورؤية المخلوقين . واحرص على تصفية
أعمالك من الابتداع والسير على طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم .
(
حافظ على أداء الصلوات المكتوبات في أوقاتها :
فإن ذلك أفضل الأعمال .
(9) أحسن وضوئك للصلاة :
فإن الطهور شطر الإيمان ، واعلم أن الوضوء مفتاح الصلاة ، ولا يحافظ عليه إلا مؤمن .
(10) لا تتأخر عن أداء الصلاة في المسجد :
فإن صلاة الجماعة واجبة لا يجوز تركها دون عذر .